2010/04/24

جريمة الاغتصاب وعقوبتها في القانون الجنائي المغربي


نصت المادّة 486 من القانون الجنائي المغربي في فقرتها الأولى على ما يلي: " الاغتصاب هو مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها ويعاقب عليه بالسّجن من خمس الى عشر سنوات...".

-انطلاقا من نص الفقرة الأولى من المادّة أعلاه يمكننا استنتاج الملاحظات التالية:

+الملاحظة الأولي: اشترط المشرع في جريمة الاغتصاب أن يكون الفعل صادرا من رجل ضد امرأة كرها وبدون رضاها. والاكراه كما هو معلوم قد يكون مادّيا اي الاجبار للانصياع باستعمال القوّة الجسدية. وقد يكون معنويّا، نفسيّا كما لو كان التّهديد بقتل أحد الأقارب أو الفصل عن العمل مثلا، أو باقتطاع جزء من الراتب الشّهري أو كلّه...

+الملاحظة الثانيّة: يجب أن يكون الفاعل في جريمة الاغتصاب دائما رجلا والمجني عليها أنثى، وذلك على عكس بعض التّشريعات التّي نصّت على أن جريمة الاغتصاب يمكن أن تصدر أيضا من أنثى في حق رجل، وهذا في حقيقة الأمر يعدّ قصورا في القانون الجنائي المغربي، اذ حتّى لو كانت المرأة لا تقوى عادتا على اكراه الرّجل على مواقعتها بالقوّة المادّية، فانّه فيما يخصّ الاكراه النّفسي، المعنوي فالأمر ممكن.

+الملاحظة الثّالثة: يجب في جريمة الاغتصاب أن يكون الجاني ذكرا و المجني عليها أنثى، أمّا اذا كان الطّرفين من نفس الجنس فانّ الأمر يختلف حسب ما اذا كان الذي وقع عليه الفعل مريدا له، وحينها نكون بصدد جريمة الشّذوذ الجنسي (الفصل 489) أو غير مريد له مما يدخل في خانة ما يسمّى بجريمة هتك العرض (الفصل 485).

لكن رغم الملاحظات المسجلة فانّه و لنكون بصدد جريمة ما لابدّ من توفر أركانها وهي ثلاثة: ركن مادّي (أي ارتكاب الجريمة)؛ ركن معنوي (النّيّة المسبقة لدى المرتكب) ؛ ركن شرعي (أي أن يكون الفعل المرتكب مما جّرمه القانون الجنائي و عاقب عليه بمقتضى نص ).


1- الرّكن المادّي: بالرجوع الى الفقرة 1 من المادّة 486 التي تنصّ على أن " الاغتصاب هو مواقعة رجل لامرأة دون رضاها..." يتّضح لنا جليّا أنه حتّى يتوفّر الرّكن المادّي في جريمة الاغتصاب يجب أن يكون هناك وقاع. و في حالة الوقاع لا يهم أن يأتي الرجل شهوته أم لا حتّى يكون هناك اغتصاب، بل يكفي اننعدام الرّضى لدى المرأة. أما اذا أولج عضوه التناسلي في مكان آخر غير الفرج كالدّبر مثلا، فانّنا حينها لن نكون بصدد جريمة الاغتصاب وانّما بصدد جريمة أخرى تختلف حسب الفعل. اذ في الحالة الأولى فالجريمة هي جريمة الاخلال العلني بالحياء، وفي الحالة الثانيّة يعدّ الفعل بمثابة هتك العرض. وانعدام الرّضىشرط واجب أيضا لتمام جريمة الاغتصاب، فلو أنّ الفعل قد تمّ بقبول من المرأة وهي في كامل أهليتها دونما أي اكراه بدني أو نفسي فانّ جريمة الاغتصاب تنتفي حتّى ولو أدّى ذلك الى أفتظاظ البكارة خلافا لما قد يتصوّره البعض. غير أنّ اثبات انعدام الّرضى بالمواقعة من طرف المجني عليها يبقى صعبا في أغلب الحالات.


2-الرّكن المعنوي: الركن المعنوي في جرية الاغتصاب هو القصد الجنائي، اي النّية لدى الجاني لارتكابها. ويكون ذلك حين يكون الفاعل يعلم مسبقا أنّه يواقع امرأة دون رضاها ودون أن تكون مرتبطة معه بعقد الزّواج. فمثلا لو أنّ رجلا واقع امرأة على أنّا أنّها زوجته في حين أنّها امرأة أخرى غيرها، فانّنا حينها لن نكون أمام جريمة الاغتصاب، على اعتبار أنّ النّية لم تكن لدى الفاعل و بالتّالي انتفاء الرّكن المعنوي في الجريمة. كما لا تقوم جريمة الاغتصاب اذا كان الجاني أتى الفعل مرغما كما لو أنّ الفاعل تمّ تهديده بالقتل من طرف شخص آخران ان هو لم يواقع امرأة مقصودة...


3- الرّكن الشّرعي و العقوبة المقرّرة: حدّدت المادّة 486 عقوبة فعل الاغتصاب بالسّجن من خمس الى عشر سنوات، الاّ انّ المشرّع رفع العقوبة في الحالات التّاليّة:
1-اذا كان سنّ المجني عليها دون الخامسة عشرة سنة فانّ العقوبة اتمقرّرة هي السّجن من عشر سنوات الى عشرين سنة.
2-اذا كان الفاعل من أصول الضّحيّة(ابن جدّ مثلا) او ممن لهم سلطة عليها، أو وصيّا عليها، أو خادما بالأجرة عنها أو عند أحد الأشخاص السّالفة ذكرهم، او كان موظفا دينيا، أو أي شخص استعان في اعتداءاته بشخص أو عدّة أشخاص، فاءنّ العقوبة المقرّرة لذلك هي السّجن من عشر سنوات الى عشرين سنة اذا كان سن المجني عليها لا يقل عن 15 سنة، أو عشرين الى ثلاثين سنة اذا كان سن المجني عليها يقلّ عن 15 سنة (المادّة 487 ق.ج.).
3-واذا كان فعل الاغتصاب مصاحبا لفض غشاء البكارة فالعقوبة حسب ما قررّته المادّة 488 من القانون الجنائي هي السّجن من عشر الى عشرين سنة اذا كان سنّ المجني عليها لا يقل عن 15 سنة. و اذا كان دون الخامسة عشر سنة فالعقوبة هي السّجن من عشرين الى ثلاثين سنة. أمّا اذا كان الفاعل من الأشخاص ذوي الصّفة الوارد تعدادهم في بداية الفصل487 أي أصول الضّحيّة أو ممن لهم سلطة عليها أو وصيا عليها... فاءنّ العقوبة هي السجن لمدّة عشرين سنة اذا كان سنّ المجني عليها لا يقلّ عن 15 سنة، ولمدّة ثلاثين سنة اذا كان سنّها أقل من خمسة عشر سنة.
_جواد الدّاودي_